خيار صادم: لماذا يرفض أمريكيون حقنة فيتامين ك لمواليدهم الجدد؟
في لحظة قدوم مولود جديد، يتوقع الجميع الرعاية الشاملة لضمان صحته وسلامته. ومن بين الإجراءات الروتينية الشائعة عالمياً، تأتي حقنة فيتامين ك، التي تُعطى للمواليد الجدد لمنع مرض خطير. لكن، في الولايات المتحدة الأمريكية، تبرز ظاهرة مقلقة؛ حيث يختار عدد متزايد من الآباء رفض إعطاء هذه الحقنة لأطفالهم. فما الذي يدفعهم لاتخاذ هذا القرار الذي يتعارض مع الإرشادات الطبية السائدة؟
فيتامين ك: درع واقٍ لا غنى عنه
فيتامين ك ضروري لتصنيع البروتينات اللازمة لتخثر الدم بشكل طبيعي. يولد الأطفال حديثو الولادة بمستويات منخفضة جداً من هذا الفيتامين، مما يجعلهم عرضة لخطر الإصابة بمرض النزف الوليدي (HDN)، المعروف أيضاً باسم نزيف فيتامين ك. يمكن أن يؤدي هذا المرض إلى نزيف داخلي خطير، خاصة في الدماغ، مما قد يسبب تلفاً دماغياً دائماً أو حتى الوفاة. الجرعة الواحدة من فيتامين ك فور الولادة فعالة بنسبة 100% تقريباً في الوقاية من هذا المرض.
الأسباب الكامنة وراء الرفض
تتعدد الأسباب التي تدفع بعض الآباء الأمريكيين لرفض حقنة فيتامين ك، وتتركز غالباً حول مزيج من المعلومات الخاطئة، الرغبة في "الولادة الطبيعية"، وعدم الثقة بالمؤسسات الطبية:
- المعلومات المضللة: تنتشر على الإنترنت ادعاءات لا أساس لها من الصحة تربط حقنة فيتامين ك بالسرطان أو اليرقان أو حتى الشلل، وهي ادعاءات دُحضت علمياً بشكل قاطع.
- الرغبة في "ولادة طبيعية بحتة": يعتبر بعض الآباء أن أي تدخل طبي، بما في ذلك حقنة فيتامين ك، يتعارض مع تجربتهم المثالية للولادة الطبيعية، ويفضلون تجنب أي مواد "كيميائية" خارجية.
- الخلط بينها وبين اللقاحات: يخلط البعض بين حقنة فيتامين ك واللقاحات الروتينية الأخرى، مما يدفعهم لرفضها كجزء من حركة أوسع مناهضة للتطعيم، على الرغم من أن فيتامين ك ليس لقاحاً بالمعنى التقليدي.
- الخوف من الآثار الجانبية: على الرغم من أن الآثار الجانبية الخطيرة نادرة للغاية، إلا أن المخاوف بشأنها تتزايد، مدفوعةً بقصص فردية غير مؤكدة أو مبالغ فيها.
- عدم الثقة بالمؤسسة الطبية: يرى بعض الآباء أن الأطباء والمستشفيات يبالغون في التوصية بالتدخلات الطبية، ويشككون في دوافعهم.
العواقب والموقف الطبي
بغض النظر عن الدوافع، فإن رفض حقنة فيتامين ك يضع المواليد الجدد في خطر متزايد للإصابة بمرض النزف الوليدي. ورغم أن المرض نادر، إلا أن عواقبه وخيمة. تؤكد جميع الأكاديميات والمنظمات الطبية الكبرى، بما في ذلك الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، على أهمية وسلامة وفعالية هذه الحقنة كإجراء وقائي أساسي لجميع المواليد الجدد. الجرعة المستخدمة آمنة جداً وتمت دراستها لعقود.
في الختام، يمثل رفض حقنة فيتامين ك معضلة حقيقية تتأرجح بين حق الوالدين في اتخاذ القرارات لأطفالهم وواجب حماية هؤلاء الأطفال من المخاطر المحتملة. إن الوعي الصحيح والمعلومات الموثوقة هما المفتاح لتمكين الآباء من اتخاذ خيارات مستنيرة تضمن سلامة أطفالهم ومستقبلهم.
```